سورة القلم - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القلم)


        


قوله عز وجل: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث} أي دعني والمكذبين بالقرآن وخل بيني وبينهم ولا تشغل قلبك بهم وكلهم إليّ فإني أكفيك إياهم {سنستدرجهم} أي سنأخذهم بالعذاب {من حيث لا يعلمون} فعذبوا يوم بدر بالقتل والأسر، وقيل في معنى الآية كلما أذنبوا ذنباً جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار والتوبة. وهذا هو الاستدراج لأنهم يحسبونه تفضيلاً لهم على المؤمنين وهو في الحقيقة سبب إهلاكهم فعلى العبد المسلم إذا تجددت عنده نعمة أن يقابلها بالشكر وإذا أذنب ذنباً أن يعاجله بالاستغفار والتوبة. {وأملي لهم} أي أمهلهم وأطيل لهم المدة. وقيل معناه أمهلهم إلى الموت فلا أعاجلهم بالعقوبة {إن كيدي متين} أي عذابي شديد وقيل الكيد ضرب من الاحتيال فيكون بمعنى الاستدراج المؤدي إلى العذاب {أم تسألهم أجراً} أي على تبليغ الرسالة {فهم من مغرم مثقلون} المغرم الغرامة والمعنى أتطلب منهم أجراً فيثقل عليهم حمل الغرامات في أموالهم فيثبطهم ذلك عن الإيمان {أم عندهم الغيب فهم يكتبون} أي عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون منه ما يحكمون به وهو استفهام على سبيل الإنكار {فاصبر لحكم ربك} أي اصبر على أذاهم لقضاء ربك قيل إنه منسوخ بآية السيف {ولا تكن} في الضجر والعجلة {كصاحب الحوت} يعني يونس بن متى {إذ نادى} ربه أي في بطن الحوت {وهو مكظوم} أي مملوء غماً {لولا أن تداركه نعمة من ربه} أي حين رحمه وتاب عليه، {لنبذ بالعراء} أي لطرح بالفضاء من بطن الحوت على الأرض {وهو مذموم} أي يذم ويلام بالذنب. وقيل في معنى الآية لولا أن تداركته نعمة من ربه لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة ثم ينبذ بعراء القيامة أي بأرضها وفضائها فإن قلت هل يدل قوله وهو مذموم على كونه كان فاعلاً للذنب.
قلت الجواب عنه من ثلاثة أوجه: أحدها: أن كلمة لولا دلت على أنه لم يحصل منه ما يوجب الذم الثاني لعل المراد منه ترك الأفضل فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين الثالث لعل هذه الواقعة كانت قبل النبوة يدل عليه قوله تعالى: {فاجتباه ربه} والفاء للتعقيب أي اصطفاه ورد عليه الوحي وشفعه في قومه {فجعله من الصالحين} أي النبيين.
قوله تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} وذلك أن الكفار أرادوا أن يصيبوا النبي صلى الله عليه وسلم بالعين فنظرت قريش إليه وقالوا ما رأينا مثله ولا مثل حججه، وقيل كانت العين في بني أسد حتى أن كانت الناقة أو البقرة لتمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول لجاريته خذي المكتل والدراهم فائتينا بلحم من لحم هذه فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر. وقيل كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة ثم يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه فما تذهب إلا قليلاً حتى يسقط ما عناه فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك فعصم الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم قال ابن عباس: معناه ينفذونك وقيل يصيبونك بعيونهم كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه.


{وما هو} يعني القرآن {إلا ذكر للعالمين} قال ابن عباس موعظة للمؤمنين قال الحسن: دواء من أصابته العين أن تقرأ عليه هذه الآية.
(ق) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «العين حق» زاد البخاري: «ونهى عن الوشم».
(م) عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا» وعن عبيد الله بن رفاعة الزرقي أن أسماء بنت عميس كانت تقول يا رسول الله إن ولد جعفر تسرع إليهم العين أفأسترقي لهم؟ قال: «نعم ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين» أخرجه الترمذي قوله العين حق أخذ بظاهر هذا الحديث جماهير العلماء وقالوا العين حق وأنكره طوائف من المبتدعة والدليل على فساد قولهم أن كل معنى ليس مخالفاً في نفسه ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل فإنه من مجوزات العقول فإذا أخبر الشارع بوقوعه وجب اعتقاده ولا يجوز تكذيبه ومذهب أهل السنة أن العين إنما تفسد وتهلك عند مقابلة هذا الشخص الذي هو العائن لشخص آخر فتؤثر فيه بقدرة الله تعالى وفعله وقوله ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، فيه إثبات القدر وأنه حق والمعنى أن الأشياء كلها بقدر الله ولا يقع شيء إلا على حسب ما قدر الله وسبق به علمه ولا يقع شرر العين وغيره من الخير والشر إلا بقدرة الله وفيه صحة إثبات العين وأنها قوية الضرر إذا وافقها القدر، والله أعلم.

1 | 2 | 3 | 4